بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة المؤمنون... من المعلومات التي تعرفونها ، عن خلق الإنسان ، أن في رأس كلِّ إنسانٍ ، من مئة ألفٍ إلى مئتين وخمسين ألفاً ، من الأشعار ، وأن الشعرة الواحدة ، يزيد عمرها عن ثلاث سنوات.
وأن الإنسان ، يحتاج إلى أن يجدد شعره بأكمله إلى مئتي يوم ، وفي الإنسان ، مصانع للشعر، بعدد ما في جسمه من الشعر، كلُّ شعرةٍ لها مصنع ، تنتج هذه الشعرة ، وتنمو وتنمو إلى أن تبلغ أشدَّها ، ثم تهرم فتموت ، ينقص أو يزيد عمر الشعرة عن ثلاث سنوات.
ولكلِّ شعرةٍ من هذه الأشعار ، المئتين والخمسين ألفاً ، وريدٌ ، وشريانٌ ، للتغذية ، وعضلةٌ ، للتحريك ، تعمل هذه العضلة أثناء البرد ، ولكلِّ شعرةٍ من هذه الأشعار ، عصبٌ يحرِّك العضلة، كي تنتصب الشعرة، ولكلِّ شعرةٍ ، غدةٌ دهنيةٌ ، وغدةٌ صبغية.
ولا يعلم الباحثون حتى هذه الأيام ، لماذا يبيضُّ الشعر ؟ لكن بعضهم يقول: إن ابيضاض الشعر ، منشؤه عصبي ، أحدث بحوث الشيب، أن ابيضاض الشعر منشؤه عصبي ، فالكريات البيض ، تتسلل إلى الشعرة ، فتأكل صبغها الأسود ، والشيء القاطع ، أن الشيب ، كما يقول العلماء: آفةٌ جلديةٌ ، ذات منشأٍ عصبي انفعالي ، وذكر القرآن الكريم هذه الحقيقة قبل ألفٍ وخمسمئة عام ، قال تعالى:
﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً (17)﴾
( سورة المزمل )
يعني الشيب ، منشأه ، خوفٌ انفعالي ، وقال عليه الصلاة والسلام:
شيبتني هود وأخواتها.
((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْتَ قَالَ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ...))
( الترمذي: رقم " 3219 " )
هل تظنون أن الذي شيبه قبيلة هود ؟ لا.. شيبته سورة هود ، لآيةٍ واحدةٍ فيها ، وهي قوله تعالى:
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا﴾
( سورة هود: آية " 112 " )
شيبتني هود وأخواتها.
ويصاب كل إنسان مع تقدم العمر بالإرهاق العصبي ، وبدرجاتٍ متفاوتةٍ من الشيب:
﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً﴾
( سورة الروم: من آية 54 " )
فالشيب ، يلازم التقدم في السن ، والإمام القرطبي يفسِّر النذير، بأنه الشيب ، يعني لفت نظرٍ لطيف من الله عزَّ وجل: أن يا عبدي اقترب اللقاء فماذا أعددت له ؟ اقترب اللقاء:
(( عبدي: ضعف بصرك ، وشاب شعرك ، وانحنى ظهرك ، فاستحي مني ، فأنا أستحي منك، يا عبدي ، لقد قرب اللقاء ، فماذا أعددت له ؟))
أيها الإخوة المؤمنون... سؤالٌ دقيق يؤكِّد حكمة الله سبحانه وتعالى: لماذا يطول شعر الرأس ، ولا يطول شعر الحاجبين والجفنين ؟ لماذا تنبت الأشعار داخل الأنف ولا تنبت داخل الفم ؟ لماذا تنبت الأشعار في ظاهر الكف ، ولا تنبت في باطنها ؟
كيف نعصي الإله ، أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيءٍ له أيةٌ تدلُّ على أنه واحد.
* * *
شعرك آية ، فكِّر في هذه الآية ، توصل منها إلى الله سبحانه وتعالى ، ترى أن لهذا الإنسان ، خالقاً عظيماً ، وصانعاً حكيماً ، أتقن صنعه ، الذي أتقن كل شيء خلقه:
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)﴾
(منقول من موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية)