التصوير
الضوئي ليس وليد حدث واحد. في الحقيقة، إنه مجموعة كبيرة من الخطوات
الصغيرة التي شجع عليها الفضول والحاجة والرغبة الأزلية عند الإنسان لتثبيت
الحدث ووقف عجلة الزمن. وقد كان لفناني أوروبا - التي ولد فيها علم
التصوير الضوئي في منتصف القرن التاسع عشر - صولات وجولات مع ما يسمى
بـ(الايميج) - تعريبها: الصورة المنشأة - وقد وصلوا لما وصلوا له من الكمال
في الرسم الزيتي وصنع التماثيل. ولم يعدو التصوير الضوئي في تلك الظروف
إلا أسلوباً جديداً لرسم
الصور
بنفس القواعد الإنشائية التي بناها فطاحل الرسم ولكن بمجهود أقل. لذا فليس
بمستغربٍ أن يبتكر الاسم من جذرين لاتينيين وهما: [فوتو] وتعني ضوء،
و[غرافي] وتعني رسم. وقد قام بهذا الابتكار مشكوراً رجل يقال له [سير جون
هيرشل] عام 1839.
بيد أن التصوير، كما قلنا، لم يولد بل تطور. وكان التطور عبر خطين؛ خط التطور الضوئي، والثاني كيميائي.
- في القرن
السادس عشر أعلن رجل يقال له [روبيرت بويل] “BOYLE” في الدوائر العلمية أنه
لاحظ أن لون كلوريد الفضة يتغير عندما تتعرض تلك المادة للهواء. وقد اعتبر
ذلك الرجل بذلك الإعلان - على الرغم من الخطأ الذي ارتكبه في اعتبار
الهواء،
لا الضوء. هو سبب تبدل لون كلوريد الفضة - واضع أول خطوة في طريق التصوير الضوئي.
- ثم جاء في بداية القرن السابع عشر رجل يقال له [انجلوا سالسا]
“Anglo SALSA” ليقول بأنه لاحظ بأن نيترات الفضة تصبح سوداء متى تعرضت
لضوء الشمس.
- ثم جاء في عام 1727 رجل يقال له [جون شولزا] “ Jhone SCHULZE”
ليقول بأنه لاحظ بأن بعض السوائل تغير لونها متى تعرضت للشمس.
- أخيراً وفي بداية القرن التاسع عشر استطاع عالم فيزيائي يقال
له [توماس ويدج وود] “Thomas WEDGWOOD” من الحصول على صورة (ايميج) لكنها
عادت فاختفت بعد فترة وجيزة لعدم توفر أية وسيلة علمية لتثبيتها حتى ذلك
الوقت.
- أول صورة معروفة تم تثبيتها حصل عليها رجل فرنسي يدعى [نيبيك] “NIEPIC” عام 1927 مستخدماً معاجين تجف
عند التعريض للضوء. المشكلة أن الصورة تطلبت أكثر من ثماني ساعات من التعريض المستمر.
- الملفت للانتباه أنه حتى عام 1927 كان التصوير يتم باستخدام
صندوق الـ [كاميرا اوبسيكيور] (بدون عدسات) وقطعة من النحاس تلتصق بها
المعاجين المذكورة أعلاه.
- في 4 يناير 1829 عقد نيبك الفرنسي شراكة مع رجل يقال [لويس
داغور] “ Louis DAGUERRE” بغرض تطوير ابتكاره لكنه لم يلبث أن مات بعد أربع
سنوات دون أن يضيف الكثير للابتكار الأول. أما [داغور] فقد مضى في أبحاثه
حتى استطاع أخيراً أن يصل إلى طريقة يقلل فيها مدة التعريض من ساعات إلى
فترة قصيرة بين العشرين إلى الثلاثين دقيقة. استطاع كذلك أن يثبت الصورة
بغمسها في أملاح خاصة.
- في عام 1839 اشترت الحكومة الفرنسية حقوق طريقة [داغور] في التصوير وأعلنتها تحت تسمية [داغورتايب] “Daguerretype”
- رغم أن طريقة [داغور] في التصوير كانت ثورة إلا أن مشكلتين
أساسيتين أبقتها خارج نطاق الانتشار الذي كان ينتظر ذلك الأسلوب العملي
الجديد لتسجيل الأحداث. إحدى تلك المشكلتين كان الكلفة المرتفعة، والثانية
عدم وجود طريقة للحصول على المزيد من النسخ عن كل صورة.
- هنا تقدم فيزيائي آخر يقال له [ويليم هنري فوكس تاليبوت]
“Hernry TALIBOT” بحل عبقري جديد. طريقة جديدة تعتمد على استخدام الورق
للحصول على صورة سلبية يمكن نسخ العديد من الصور الإيجابية منها وسميت
[الكالوتيب] “calotype”. مشكلة الطريقة الجديدة التي أثبتها عن طريق
استخراج صورة مشهورة تدعى “مشهد على لكوك أبي” بمقاس بوصة مربعة، أن الصور ة
السلبية حملت كل عيوب الورق مما جعل نوعيتها متدنية جداً مقابل النوعية
العالية لطريقة [داغورتايب]. لكن وعلى الرغم من ذلك فقد تطورت وزاد رواجها
إلى أن قام [تاليبوت] عام 1850 بنشر كتاب عنوانه:
“قلم الطبيعة” به العديد من تلك الصور. في الحقيقة، إن تلك
الطريقة اعتُمدت منذ ذلك الحين وعلى أسسها العلمية بنيت صناعة التصوير
الضوئي الحديث. بالطبع، جاء من استطاع أن يثبّت المواد الفوتوغرافية على
لوحات زجاجية بعد العديد من المحاولات، ثم تلى ذلك تاريخ من التطور في
صناعة الأفلام الجيلاتينية.