عندما كنت صغيرا
أخبروني
أنّ في الليل عفاريتٌ وأشباحٌ شديدة
فالزم البيت
وكن طفلا رشيدا
عندما كنت صغيرا
أخبروني
أن ما في العيش من ظلم وتنكيلٍ وحسرةْ
أن ما في العيش من قتلٍ وعُسرةْ
هو أمر في القضاءْ
حكمةُ اللهِ على عيشِ العبيدْ
فالزم البيت
وكن للظلم إنساناً ودودا
عندما كنت صغيرا
أخبروني
أن أذكى الناس من يجمع مالا
أن أذكى الناس من يحصلْ على أعلى المناصب
أن أذكاهم كما الحرباء كي ينأى فلا يلقى متاعب
أيها الطفل فعي
ولا تكن يوماً عنيدا
عندما كنت صغيرا
أخبروني
أن في هذي السما شمساً وحيدهْ
هي في الكون عروسٌ هي للكون منيرة
لا تحاول أن تجد في الكون ما يشبهها
هي حقاًّ أيها الطفل فريدةْ
أخبروني أعلموني لقنوني قيدوني حنطوني خوّفوني عندما كنت صغيرا
دام تخويف الأهالي للصغير لكي يكون مؤدبا
قد كرروا التخويف مراتٍ عديدة
صدَّقتُهم
عندما كنت صغيرا
كبر الصغير وفي الحنايا خوفه
لكنه لما وعى
في نهر أوثان الجهالة قد رمى
كلّ الشوائب مع مخاوفه البعيدة
أنا مذ وعيتُ حزمت رأيي
لن أصدقْ ما يريدا
ما عدتُ أعتقد الفتاوى دون نصٍّ مثبتٍ
حتى وإن قالوا عنيدا
ما عاد وعَّاظُ النقودِ مع المصالح يمتطون سذاجتي
ما عاد أصحاب العمائم يضحكون على صفاءِ سريرتي
ما عادت الفتوى تمرُّ على حصان مطيتي
أنا مذ وعيت خلعت جهل روايتي
كان الإله لمن يريدُ مريدا
قالوا
بأن الدين إسلام لنا
والحكم ليس لديننا دخل به
إلا صلاة الخاشعين بليلهم وصيامهم وقيامهم
قالوا
بأن الحكم غرْبيُّ العدالةِ مُزْهرٌ
لا للكتاب وللحديث مُشَرِّعاً
فلقد أتينا للعباد جديدا
أما أنا
لن أعط ِ غير الحق صوتيَ وهْلةً
لن أنتمي إلا لشرع اللهِ يحكم بيننا
لا أكترث
إن قيلَ عني بعد ذاك عنيدا
لا أكترث
إن قيل عني لست أفهمُ في السياسةِ زرعَها وحصيدا
لا أكترث
إن قيل ليس مداهنا ومنافقا و ودودا
لا أكترث
ما دام رأيي وفق نهج رسولنا وصحابةٍ نهجاً سديدا
الشاعر الدكتور رشدي خليل