يقول فضيلة الشيخ / محمد بن عثيمين رحمة الله عن حكم لعن الشيطان :
الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان وإنما أمر بالإستعاذة منه كما
قال الله تعالى :
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
وأما لعنه وسبه فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد أن ذلك
مما لا ينبغي لأننا أمرنا عندما ينزغ الشيطان الإنسان فإنما أمرنا
بالاستعاذة بالله منه وأما إذا دعونا عليه فإنه قد يربأ بنفسه يعني
يزداد يربو بنفسه ويزداد .
وأما الاستعاذة بالله منه فهي إهانةٍ وإذلالٍ له فهذا هو المشروع أن
يستعيذ الإنسان بالله من الشطان الرجيم ولا يلعن الشيطان .
ولعن الشيطان من حيث استحقاقه يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن،
لكن جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه
تعاظم الشيطان ويفرح فحتى لا يفتح المسلم الطريق لفرح الشيطان
لإضراره ببني الإنسان - فما ينبغي أن يلعن الشيطان، وإنما يستعيذ
بالله من شر الشيطان الرجيم .اهـ
روى أبو داود رحمه الله في السنن قال : حدثنا وهب بن بقية ، عن
خالد يعني ابن عبد الله ، عن خالد يعني الحذاء ، عن أبي تميمة ، عن
أبي المليح ، عن رجل ، قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ،
فعثرت دابة ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال : " لا
تقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ،
ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى
يكون مثل الذباب "(4)
أما لعن الكفار من اليهود والنصارى والمشركين على سبيل العموم
فهذا جائز ومشروع من أجل التحذير من أفعالهم، فإن الرسول – عليه
الصلاة والسلام – قال في آخر حياته وهو في سياق الموت – صلى
الله عليه وسلم -: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد"، رواه البخاري (435-436)، ومسلم (531)، واليهود
والنصارى داخلون في عموم قوله تعالى:
"إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا" [الأحزاب: 64]،
وقال سبحانه وتعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين" [هود: 18]،
واليهود والنصارى ظالمون بتكذيبهم للرسول –
صلى الله عليه وسلم – وبغلو النصارى في المسيح وعبادتهم له،
وعبادتهم للصليب، واليهود قتلة الأنبياء وهم الناكثون للعهود
والخائنون، كما قال سبحانه وتعالى فيهم: "إن شر
الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم
ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون" [الأنفال: 55-56].
وأما الأفراد الأحياء بأعيانهم مثل فلان أو فلان فلا
ينبغي لعنهم، لأنه لا فائدة فيه، ولسنا متعبدين بذلك، إلا من
له نكاية بالمسلمين وتسلط عليهم كرؤوس الكفر وأئمته، كرؤساء
دول الكفر في هذا العصر فإنه يجوز لعنهم، مثل رؤساء الدول الكافرة
المتسلطة على المسلمين، كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية
وأعوانه فيجوز لعنهم بأعيانهم، لأنهم جمعوا بين الكفر بالله والتسلط
على عباد الله، وأما الأموات فكما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تسبوا
الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" رواه البخاري (1393)،
لكنهم يدخلون في اللعنة العامة؛ لعنة الله على الكافرين، والله أعلم.
تحياتي : ابو بندر
انا حليل